مصطفى العلام
حديث وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد توفيق عن مفهوم جديد للعلمانية ، ” العلمانية نص نص ” ، يثير تساؤلات عديدة حول طبيعة العلاقة بين الدين و الدولة في المغرب .
يبدو أن الوزير أحمد توفيق وهو وزير عمر كثيرا في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، و يقدم نفسه شخصية ذات خبرة كبيرة في مجالات الدين و التاريخ و المجتمع ، قد وقع في تناقض صريح مع الدستور المغربي الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة و مع إمارة المؤمنين من جهة أخرى ، حيث أن جلالة الملك يعتبر أمير المؤمنين حامي الملة والدين ، ما يعكس الطابع الإسلامي للمؤسسات المغربية .
الإسلام هو جزء من هوية الدولة كما تنص على ذلك المادة الأولى من الدستور المغربي ..
هذا التصريح إن كان دقيقا ، قد يـُفهم على أنه تجاهل لخصوصية النموذج المغربي ، الذي يمزج بين الدين والدولة بطريقة خاصة .
أما مسألة أن رجال الدين يحتاجون إلى الحكام وليس العكس ، تشير إلى علاقة سلطوية مقلوبة مقارنة بالنموذج التقليدي الحالي ، حيث ينظر عادة إلى الدين كمرجع أخلاقي يوجه المؤسسات ، فإذا كان المقصود من هذا التصريح هو تأكيد أن السلطة السياسية هي صاحبة الكلمة الأخيرة ، فإنه يعيد طرح سؤال قديم حول مدى استقلالية المؤسسة الدينية عن باقي المؤسسات و دورها في المشهد السياسي العام .
المغرب يتبع نظاما يوصَف ب ” العلمانية الناعمة ” حيث توجد علاقة ترابط و تكامل بين الدين و الدولة ، لكن بحدود واضحة يحددها الدستور و مؤسسات الدولة .
هذا النموذج يتيح للدولة اعتماد الدين كأداة للتوحيد و الإستقرار ، لكنه أيضا يضعها في موقف حساس عندما تَظهر تصريحات تُفسر على أنها محاولة لفصل الدين عن الدولة بطريقة لا تتماشى مع النموذج المغربي .
تصريحات الوزير إذا كان المقصود بها ما تم تفسيره و سطر معي على ما تم تفسيره ، قد تكون مثيرة للجدل ، ليس لأنها في تناقض مع الدستور فحسب ، بل لأنها قد تشير إلى تصور جديد لدور الدين في السياسة المغربية ، فبالتالي يجب أن تُفسر بحذر ، قد تكون مجرد تعبير عن رأيي شخصي أو محاولة منه في إيجاد صياغة جديد تؤطر علاقة الدولة بالدين في ظل تحديات جديدة.












