متابعة: مصطفى العلام
أثيرت قضية مركزية في النقاش العام المغربي ، حول طبيعة التشريعات التي تصدرها الحكومة ، والتي يراها البعض على مقياس فئات محددة و تكرس نظاماً ريعياً يعيق العدالة و التنمية .
الريع يُفهم عادة أنه استفادة غير عادلة أو مفرطة لفئة بعينها أو أفراد محددين من الموارد العامة أو التشريعات بطريقة لا تخدم المصلحة العامة ولا تعتمد على معايير الكفاءة أو المنافسة .
ويمكنه أن يتخذ أشكالا متعددة ، مثل الإمتيازات الإقتصادية ( الاعفاءات الضريبية ، منح الرخص الإستثنائية … ) ، أو امتيازات سياسية ( مناصب تمنح وفق الولاءات ، ترقيات ، … ) .
وطنيا يتجلى الريع الإقتصادي عبر استغلال موارد الدولة و توزيع الامتيازات بشكل غير عادل ، ولا يخدم المصلحة العامة للوطن ، مما يساهم في غياب التنافسية و تعميق الفوارق الاجتماعية ، على سبيل المثال لا الحصر ، نجد قطاعات استراتيجية كاستغلال الفوسفاط و المعادن ، في قبضة الاحتكار من طرف مؤسسات أو شركات بعينها ، كما أن عائداتها لا تستثمر بشكل كافٍ في تنمية القطاعات الاجتماعية والاقتصادية ، كما أن هناك نوع آخر من الإحتكار يعرف باحتكار التراخيص ، مثل رخص الصيد في أعالي البحار و رخص استغلال المقالع ( الرمال ، الحصى.. ) ، التي تمنح لفئة محددة دون منافسة ، و استغلال الأراضي الزراعية ، حيث توزع أراضي تابعة للدولة على شخصيات نافذة في الدولة ، ومن منا لا يعرف أراضي طريق الزعير .
أضف إلى كل هذا .. الاعفاءات الضريبية ، حيث أن شركات كبرى و أفراد نافذون يستفيدون من اعفاءات ضريبية كبيرة ، بينما يتحمل المواطنون العاديون العبء الضريبي ، كما هو الحال في النقطة التي أثارها السيد بوانو ، ان الحكومة خفضت الضريبة على شركة تنشط في استراد العسل لشخصية قريبة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش .
أما الريع السياسي يتجسد في سياسات و ممارسات ، تتيح لفئات محدودة السيطرة على مراكز القرار و الاستفادة من الامتيازات المرتبطة بالنفوذ السياسي ، كالتعيينات في المناصب العليا ، تعيين أشخاص في مناصب قيادية بناءً على الولاءات السياسية أو القرابة ، بدلا من الكفاءة و الجدارة و الاستحقاق و استمرار هيمنة نخب معينة على المناصب الحساسة .
أما على المستوى الحزبي منح امتيازات مالية أو وظيفية لشخصيات نافذة داخل الأحزاب السياسية أو داخل البرلمان ، بالإضافة إلى توزيع مقاعد برلمانية و مناصب جماعية ، بشكل يخدم الولاءات بدل الصالح العام .
إن محاربة الريع الإقتصادي والسياسي في المغرب ، يتطلب إصلاحات شاملة على المستويات الاقتصادية ، الاجتماعية و السياسية ، مع التركيز على تحقيق العدالة و التنمية المستدامة ، عبر تعزيز الشفافية و المساءلة ، عن طريق وضع آليات رقابية صارمة لمراقبة توزيع الموارد الاقتصادية و الاجتماعية و الامتيازات السياسية ، يعقبها نشر تقارير بشكل دوري بوضوح و بكل شفافية و إعطاء مساحة أوفر لمؤسسات مكافحة الفساد ، لمعاقبة المتورطين في استغلال الريع .
بالإضافة إلى فصل السلطة عن السياسة ، نقصد هنا السلطة الاقتصادية ، كما هو الحال مع السيد عزيز أخنوش ، لا يمكن للشخص أن يكون حكماً ولاعباً في الوقت نفسه ، لأن ذلك يخلق تضارب في المصالح .
لا يمكن لهذا الأمر أن يتم دون إصلاح إطار قانوني ، يؤطر هذه العملية ، يتضمن إلغاء الامتيازات الخاصة التي تمنح لأفراد أو شركات على أساس الولاءات بدلاً من الكفاءة ، و إصدار قوانين صارمة تمنع أي شكل من أشكال الاستفادة غير المشروعة من الموارد العامة .












