اختُتمت، بموريتانيا، أشغال الدورة السابعة للمنتدى الدولي للساحل، التي انعقدت ما بين 26 شتنبر و3 أكتوبر الجاري، بتوصيات ركزت على ضرورة توثيق وصون التراث الثقافي الساحلي والمغمور بالمياه، من خلال عمليات المسح والجرد والحفظ والتثمين العلمي.
ونُظمت هذه الدورة بشراكة بين وزارة الثقافة الموريتانية ممثلة في المحافظة الوطنية للتراث الثقافي، وجمعية السلام لحماية التراث البحري المغربية، تحت شعار «المهام الأثرية والتعاون العلمي من أجل حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه والتراث الساحلي في موريتانيا».
وأكد المشاركون على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي بين دول الساحل الأطلسي عبر إطلاق برامج ومشاريع مشتركة في مجالات البحث والتكوين والحماية، داعين إلى إنشاء برنامج إقليمي منسجم لحماية التراث المغمور بالمياه، ينسجم مع اتفاقية اليونسكو لعام 2001، ومع أهداف عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات (2021–2030).
وشدد المنتدى على ضرورة إبراز الأهمية التاريخية للموقع الأثري بجزيرة “أرغين” وساحل حطام سفينة “لا ميدوزا”، داعياً إلى الإسراع في تنفيذ برنامج أثري متكامل يهم تثمين المواقع التراثية في الجزيرة، بما في ذلك البئر القديمة التي تشكل مصدر المياه الوحيد لسكانها.
كما أوصى المنتدى بإشراك الشباب والمجتمعات المحلية في جهود حماية التراث ونقل المعارف والمهارات بين الأجيال، إلى جانب تطوير القدرات الوطنية في مجالات البحث والإدارة والتكوين الأكاديمي والتقني.
ويندرج هذا اللقاء العلمي ضمن دينامية القافلة الأطلسية للتراث البحري، التي انطلقت من المملكة المغربية في مرحلتها الأولى، ووصلت إلى موريتانيا، على أن تشمل لاحقاً السنغال والرأس الأخضر، في إطار رؤية موحدة لتعزيز التعاون العلمي وصون التراث المغمور بالمياه في الفضاء الأطلسي الإفريقي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح الشيخ المامي أحمد بازيد، رئيس جمعية حماية التراث البحري بمدينة الداخلة ومنسق القافلة، أن تنظيم الدورة السابعة يأتي عقب النجاح الذي حققته النسخة السابقة في الشارقة (الإمارات العربية المتحدة) سنة 2024، مؤكداً أن المنتدى يشكل منصة لتبادل التجارب والخبرات في مجال حماية التراث البحري.
وشهدت الدورة مشاركة نخبة من الباحثين والخبراء الدوليين، من بينهم مكتشف حطام سفينة “لا ميدوزا” سنة 1980، الفرنسي جون إيف بلو، والقبطان أوغوستو سلغادو مدير المتحف البحري بلشبونة، وخوسي بيتنكور مدير المركز الوطني للتراث المغمور بالبرتغال، إضافة إلى الخبير الألماني فيليب كولترمان، والغواص إيمانويل شارال أوليفيرا من الرأس الأخضر، والخبير الإقليمي لليونسكو في إفريقيا موسى ويلي من السنغال.
وتضمن برنامج المنتدى مهاماً علمية ميدانية لتوثيق التراث الساحلي والمغمور بالمياه في خمس مراحل، وندوة علمية بمدينة نواذيبو، إلى جانب جولات ميدانية شملت عدداً من المواقع الأثرية وصولاً إلى جزيرة أرغين، حيث تم تنفيذ مهمة أثرية بإشراف المحافظة الوطنية للتراث الثقافي بالتعاون مع الحظيرة الوطنية لحوض أرغين.
وأسفرت الأبحاث الميدانية عن تحديد دقيق لموقع حطام سفينة “لا ميدوزا”، في خطوة اعتبرها الخبراء تقدماً مهماً في مسار صون التراث المغمور بالمياه وإدماجه ضمن مشاريع البحث المستقبلية.
كما نظمت القافلة الأطلسية لقاءً تحسيسياً في العاصمة نواكشوط لفائدة مكتب اليونسكو للتراث المغمور بالمياه وإدارة الحظيرة الوطنية لحوض أرغين، تم خلاله عرض نتائج المهام الأثرية، إلى جانب زيارة المتحف الوطني الموريتاني الذي تسلّم القطع الأثرية المكتشفة حديثاً.
واختُتم المنتدى باستقبال رسمي للوفد الممثل للقافلة الأطلسية من طرف وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الموريتانية الحسين ولد مدو، الذي تسلّم وثائق وكتباً مرجعية حول جزيرة أرغين وسفينة “لا ميدوزا” ومخطط الحطام الذي اكتُشف سنة 1980.