متابعة : فاطمة معنان
يُعتبر حسن مزغمة، مدير الشؤون القروية، واحداً من أبرز الأطر الإدارية الذين بصموا مسارهم المهني بإرادة واضحة في خدمة المجال القروي، الذي يشكّل ركيزة أساسية في التنمية الوطنية الشاملة. فمن خلال تجربته الغنية، استطاع أن يربط بين متطلبات التدبير الإداري العصري وبين الحاجة الملحّة إلى استحضار البعد الاجتماعي والاقتصادي للمناطق القروية التي تمثل النسبة الأكبر من التراب الوطني.منذ تعيينه على رأس مديرية الشؤون القروية، وضع حسن مزغمة نصب عينيه هدفاً محورياً يتمثل في إرساء قواعد الحكامة الجيدة في تدبير الأراضي الجماعية، باعتبارها أحد الملفات الحساسة والمعقدة. فالمقاربة التي اعتمدها تقوم على أساس إشراك مختلف المتدخلين: من ذوي الحقوق، إلى السلطات المحلية، وصولاً إلى المؤسسات المنتخبة، في أفق ضمان توزيع عادل للموارد وتحقيق أقصى استفادة للساكنة.كما عزّز مفهوم الشفافية في معالجة الملفات، من خلال إدخال آليات رقمية لتبسيط المساطر وتوضيحها، الأمر الذي أسهم في تقليص النزاعات وتحسين علاقة المواطن بالإدارة.يدرك مزغمة أن الرهان الأكبر يتمثل في جعل العالم القروي جزءاً فاعلاً من المنظومة التنموية، لا مجرد فضاء هامشي. لذلك حرص على دعم المبادرات التي تستهدف النساء القرويات عبر مشاريع مدرّة للدخل، وتمكين الشباب من فرص للاستثمار في الأراضي الجماعية والفلاحية. كما عمل على تشجيع التعاونيات الفلاحية وتسهيل ولوجها إلى الموارد والإمكانيات، بما يتماشى مع التوجهات الوطنية في محاربة الهشاشة وتحقيق العدالة المجالية.لم يقتصر دور مدير الشؤون القروية على تدبير الملفات العقارية والإدارية، بل تجاوزه إلى التفكير في مشاريع مهيكلة تدمج البعد الاقتصادي بالاجتماعي. فقد أبان عن حرصه على إدماج المناطق القروية في دينامية التنمية المستدامة، من خلال الدفع نحو استغلال عقلاني للموارد الطبيعية، وتشجيع الفلاحة التضامنية، وربطها بالأسواق الوطنية والدولية.يحظى حسن مزغمة بتقدير واسع داخل الأوساط الإدارية، حيث ينظر إليه كإطار متمرس يجمع بين الكفاءة التقنية والقدرة على إدارة الملفات المعقدة بحنكة وتبصّر. كما يُنظر إليه خارج الجهاز الإداري كصوت داعم لقضايا الفلاحين والساكنة القروية، لكونه يضع المواطن في صلب أولوياته، ويعتبر أن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق دون إشراك الفئات التي طالما عانت من التهميش.تجربة حسن مزغمة تفتح نقاشاً أوسع حول دور الإدارة الترابية في المغرب، إذ يشكّل نموذجاً للإدارة المواطنة التي لا تكتفي بالجانب البيروقراطي، بل تسعى إلى إبداع حلول تنموية مستدامة. كما أن مساره يعكس كيف يمكن للقيادة الإدارية أن تكون شريكاً أساسياً في تحقيق أهداف الدولة المرتبطة بتقليص الفوارق المجالية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتنزيل المشاريع الكبرى الرامية إلى الارتقاء بالمجال القروي.إن المسار المهني والإداري لحسن مزغمة يعكس بوضوح قيمة الإطار الوطني الملتزم برؤية تنموية شمولية، تجعل من العالم القروي قطباً أساسياً في التنمية الوطنية. ولعلّ ما يميّزه هو الجمع بين المقاربة الواقعية في معالجة الملفات اليومية، والرؤية الاستراتيجية التي تستشرف المستقبل، ما جعله أحد النماذج البارزة في التدبير الإداري المسؤول بالمغرب.












