قال الجنرال البريطاني المتقاعد سير سايمون مايال إن المسيرة الخضراء المظفرة تخلّد في تاريخ المغرب كـ”حدث مفصلي” مكن المملكة من استرجاع أقاليمها الجنوبية، وجسدت التلاحم العميق بين العرش والشعب المغربي.
وفي حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح السير مايال، الذي شغل مناصب رفيعة في الحكومة البريطانية، من بينها وزارة الدفاع، أن “الملك الراحل الحسن الثاني دعا الشعب المغربي إلى مسيرة سلمية نحو الأقاليم الجنوبية، التي تربطها بالعرش روابط تاريخية متجذرة”.
وأضاف الخبير في الشؤون الدولية، ومؤلف كتاب “Soldier in the Sand”، أن المسيرة الخضراء تميزت بطابعها السلمي رغم السياق الدولي المعقد آنذاك، مؤكداً أن الاحتفال اليوم بالذكرى الخمسين لهذا الحدث يحمل الأمل للمنطقة بأسرها.
وأشار إلى أن الإنجازات التنموية التي حققها المغرب في أقاليمه الجنوبية خلال العقود الخمسة الماضية “مدهشة”، مبرزاً أن هذه المسيرة كانت “تجسيداً لسيادة المغرب على أراضيه الجنوبية، ودليلاً جديداً على عمقه الحضاري وروابطه التاريخية المتينة بهذه الأقاليم”.
وأكد السير مايال، الذي نال لقب “ملك الأسلحة” من الدرجة الممتازة للإمبراطورية البريطانية سنة 2024 من الملك تشارلز الثالث، أن تأكيد سيادة المغرب على الصحراء كان تجربة موحدة للمملكة، موضحاً أن “رمزية المسيرة الخضراء بعد نصف قرن تظل ركناً أساسياً مما يحتفل به المغاربة وما أنجزوه منذ استقلال المملكة سنة 1956”.
وأشاد المسؤول البريطاني السابق، الذي زار الأقاليم الجنوبية، بالدينامية التنموية التي تعرفها مختلف جهات المملكة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيراً إلى أن إمكانات هذه المناطق “لا يمكن أن تتحقق وتستغل بالكامل إلا في ظل السيادة المغربية”.
وقال مايال: “أنا مقتنع بأن المغرب وحده قادر على استثمار إمكانات هذه الأقاليم لفائدة شعبه وشعوب المنطقة وإفريقيا جنوب الصحراء”، مضيفاً أن المغرب يمثل نموذجاً حقيقياً للأمن والاستقرار في المنطقة.
كما عبّر عن إعجابه بمستوى التقدم المحقق في مدينتي العيون والداخلة، لاسيما في قطاعات الصيد البحري والموانئ والطاقة وخلق فرص الشغل، مؤكداً أن “المغرب اليوم فاعل أساسي في الأمن والاستقرار والازدهار على المستوى الإقليمي”.
وفي هذا السياق، أشار إلى البعد الأطلسي للمغرب، باعتباره بلداً ذا تاريخ بحري عريق وله دور محوري في تطوير الواجهة الأطلسية للقارة الإفريقية.
وبشأن العلاقات المغربية البريطانية، اعتبر الجنرال مايال أن التنمية المتسارعة في الأقاليم الجنوبية تفتح آفاقاً جديدة للشراكة الاستراتيجية بين الرباط ولندن، مشيداً بزيارة وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد لامي إلى المغرب في يونيو الماضي، والتي أفضت إلى اتفاق الجانبين على الارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى أعلى.
وأكد أن المملكة المتحدة تظل من بين “أقرب وأوثق شركاء المغرب”، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، والبنيات التحتية، والأمن.
كما أشار إلى الأهمية المتزايدة للموانئ المغربية مثل الداخلة الأطلسي وطنجة المتوسط في حركة النقل البحري العالمي، مؤكداً أن تطوير ميناء الداخلة الأطلسي سيعزز الروابط الاقتصادية والبحرية بين البلدين.
وختم السير سايمون بالإشادة بـ المبادرة الملكية الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، معتبراً أنها “رؤية طموحة تحمل الأمل وتستحق الدعم”، لما تمثله من مشروع استراتيجي كبير لتنمية الساحل الأطلسي الإفريقي وتعزيز الاستقرار في المنطقة.












