تعرف أسعار الدجاج، بمختلف مناطق المملكة، ارتفاعا ملحوظا، يتراوح بين 25 و 27 درهم للكيلوغرام الواحد، خلال هذه الفترة، التي تعرف إقبالا متزايدا على دجاج اللحم، بالنظر إلى كثرة المناسبات والولائم المغربية.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الجمعية المغربية لمربي دجاج اللحم بالمغرب “محمد اعبود”، خلال حوار أجرته معه جريدة “المجتمع”، أن ضعف المراقبة، وغياب الحكامة الجيدة من طرف الوزارة الوصية، والمديريات التابعة لها، على القطاع، يزعزع استقرار الإنتاج والأسعار. ويسمح للشركات الكبرى، المدعومة كليا من الوزارة الوصية، بفرض قوانينها على المربي الصغير والمتوسط الذي يعاني، دون أي دعم حكومي يذكر، من تغوُّل هذه الشركات، وتجبُّرها على القطاع، وتحكمها المطلق في الأثمان، بغض النظر عن ظروف السوق الدولية، من حيث الارتفاع والانخفاض في الأثمان، مع غياب المنافسة في السوق المغربية.
وأضاف “محمد اعبود”، أن قطاع الدواجن يعاني من العشوائية، والتجاهل الممنهج المعتمد من طرف الوزارة الوصية على القطاع، في تعاملها مع المربي الصغير والمتوسط، الذي يجد نفسه معرضا للخسارة والإفلاس، حيث تجاوزت الخسائر، بعد فشل مخطط المغرب الأخضر، قطاع الدواجن، بين سنوات 2010-2011 و 2020، 530 مليار سنتيم.
ونفى رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب “محمد اعبود”، أن يكون للجفاف أي دور أو تأثير على ارتفاع أسعار الدواجن، بل أرجع هذه الزيادة في الأثمان إلى سيطرة الشركات الكبرى على السوق المغربية، في ظل غياب المنافسة، وفي ظل غياب الحوار مع المربي الصغير والمتوسط، وكذا تشجيع الوزارة الوصية على القطاع لهذه الشركات على نهجها المبني على قانون الغاب، والبقاء للأقوى.
وذكّر “محمد اعبود” بأن الدعم الحكومي، موجه كليا لعالية القطاع فقط، أما المربي والموزع، والبائع بالجملة والتقسيط، لم يستفد من أي دعم حكومي مخصص لهذه الفئة من المهنيين، والتي تمثل نسبة كبيرة تصل إلى 90 % من مهنيي قطاع الدواجن.
وأفصح محمد اعبود أن مسار النضال، الذي تتبعه الجمعية، من خلال الاحتجاجات، والمراسلات، والأسئلة المطروحة تحت قبة البرلمان، لم تُجد نفعا، ولم تحقق أي مكتسبات تخدم مصلحة المربي الصغير والمتوسط. وأكد أن مسيرة النضال مستمرة، والمطالب مشروعة وممكنة، وعلى رأسها جدولة ديون المربي، وإعفائه من الفوائد البنكية، وكذا إعفاء الأعلاف المركبة، وكتاكيت دجاج اللحم من الرسوم الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة TVA.
نص الحوار
تعتبر الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب التي رأت النور سنة 1995، من بين مؤسسي الفدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن. ماهي الخدمات التي تقدمها الجمعية للمهنيين، وللمستهلك المغربي ؟
صحيح أن الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب من بين مؤسسي الفدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، لكنها انسحبت من الفدرالية سنة 2003، بسبب تضارب المصالح بين مهنيي قطاع الدواجن، وبين المصالح التجارية لشركات الأعلاف المركبة، وصناعي المجازر الصناعية، ومنتجي كتاكيت “كوفوار”. وغاية الجمعية أن تعيد الاعتبار لمربي دجاج اللحم، وأن تسهر على كل قضاياهم، وأن تدافع عن حقوقهم بناء على مقومات حضرية، وقيم إنسانية، والقوانين المتعارف عليها دوليا، في حقوق الإنسان. وباتخاذ هذا المسار، فإن الجمعية تسعى إلى الدفاع عن مصالح قطاع تربية دجاج اللحم، وتدعيمه وفق الفصل 12 من الدستور المغربي الجديد لسنة 2011، والحفاظ على استقلالية الجمعية من المهنيين، والمتدخلين في القطاع، وكذا تنظيم وتأطير المربي وفق القانون الصحي 49-99. وأيضا، تمثيل القطاع في المحافل المحلية والجهوية، والدولية. إضافة إلى العمل على إنعاش القطاع، وتشجيع استهلاك دجاج اللحم.
وبتحقيق هذه الأهداف المشروعة، يستفيد المستهلك المغربي، مباشرة، من الأجواء المهنية الصحية في القطاع، التي تؤثر على السوق المغربية بشكل إيجابي ومرضي للمهنيين والمواطنين.
الملاحظ أن هناك تذبذبا فيما يخص أسعار لحوم الدواجن في السوق المغربية، بين الانخفاض في بعض الفترات، والارتفاع غالبا. لماذا هذا التذبذب، وما هي أسباب الزيادة في أسعار دجاج اللحم ؟
هذا التذبذب في الأسعار جاء نتيجة عدم استقرار الإنتاج، والأثمان في قطاع الدواجن، بسبب ضعف المراقبة، وغياب الحكامة الجيدة من طرف الوزارة الوصية، والمديريات التابعة لها. كما أن هذا الفراغ وسياسة الكيل بمكيالين، التي تنهجها الوزارة الوصية، مكنّا الشركات التجارية من فرض قانونها على المربي، الذي أرغم هذا الأخير على إشهار إفلاسه، وذلك منذ فشل العقد الأول لمخطط المغرب الأخضر، قطاع الدواجن، سنتي 2010-2011، إلى أواخر غشت 2020، حيث تجاوزت الخسارة التي لحقت بالمربي 530 مليار سنتيم، دون أن تتخذ الوزارة الوصية أي تدبير لصالحه.
لا شك أن القطاع يواجه صعوبات وتحديات جمة تتشعب، وتتعلق بعدد من الشركاء والمتدخلين. ماهي هذه الصعوبات، وماهو دور هؤلاء الشركاء والمتدخلين ؟
بعد العمل الدؤوب لسنوات، تبين لنا، بالملموس، أن أهداف الوزارة الوصية، بعد خلق البيمهنية وهمية، تجانب قانون 12/03، قد تغيرت وأصبحت تهدف إلى القضاء على المربي الصغير والمتوسط، حتى يُفسَح المجال للوبي للتحكم في قطاع الدواجن، لضمان أرباح خيالية، وفرض أسعاره على المستهلك المغربي، دون أي منافسة تذكر. وكمثال على ذلك، قطاع اللحوم الحمراء الذي يشهد ارتفاعا خطيرا في الأثمان، بعد إبعاد الفلاح الصغير والمتوسط، وإهدار قطيعه من الماشية، رغم دعم الدولة، لأن الوضع الصحي والسليم أن يتوفر الفلاح الصغير والمتوسط على قطيع من الماشية يمكنه من المنافسة في السوق، وبالتالي سيستفيد المستهلك المغربي من هذه المنافسة لأنها تؤدي الى انخفاض الأسعار.
هل يستفيد مهنيو قطاع الدواجن من دعم حكومي ؟
كما سبق وأشرت إلى ذلك، المستفيد من الدعم الحكومي هم عالية القطاع، أما سافلة القطاع من مربي وموزع، والبائع بالجملة والتقسيط، لا يستفيدون من أي دعم يذكر، مع العلم أن هذه الفئة من المهنيين، تمثل نسبة 90 % من العاملين بالقطاع، بالإضافة إلى العاملين في الإنتاج أو في التسويق، حيث يتم تسويق اكثر من 90 % من الدجاج الحي في الأسواق المغربية.
من المسؤول عن جودة لحوم الدواجن التي تُقدم للمستهلك المغربي، وما هو المطلوب للرفع من جودة هذه اللحوم ؟
المسؤول القانوني على جودة لحوم الدواجن هو المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حسب قانون 28-07، الذي أنشئ خصيصا لتطبيق القانون المذكور. غير أن هذه المؤسسة تعجز عن تطبيق هذا القانون، على أرض الواقع، لأسباب متعددة على رأسها الزبونية والمحسوبية، وتجاهل مطالب سافلة القطاع.
هل صحيح أن الجفاف هو السبب الرئيسي في غلاء أسعار دجاج اللحم كما يصرح البعض ؟
ليس صحيحا، لأن ارتفاع أسعار الدجاج يعود لكون جميع مداخلات الإنتاج مستوردة من الخارج، وتبقى رهن السوق الدولية، ولا علاقة له بالجفاف. كما أن سبب غلاء الدجاج بالمغرب الرئيسي، بعد تراجع البورصة العالمية للحبوب، هو انعدام المنافسة واستحواذ الجهة الأقوى على السوق، وخسارة المربي الصغير والمتوسط، وعدم تقديم الدعم اللازم له، والحماية الجمركية، وفرض الغلاء، وكذا غياب الحوار مع المهنيين. ورغم تراجع السوق الدولية، وانخفاض تكاليف الإنتاج في الدول الأوروبية، حيث لا يتجاوز سعر الدجاج في الضيعة 1,2 أورو، في حين يتجاوز في المغرب 16 درهم، ويقارب ثمن كتكوت اليوم الأول 9 دراهم، عوض 2,5 درهم خلال سنة 2008. كل هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القطاع يخضع لشعار مفاده البقاء للأقوى.
هل الزيادات التي تعرفها الأعلاف والفلُّوس مبررة، ومشروعة ؟
جميع الزيادات غير مبررة، ولا ترتكز على أساس متين، بل تنبني على التلاعب بالإنتاجية، ونشر أرقام مغلوطة في إنتاج الكتاكيت، وأيضا التسويق العشوائي والغير قانوني. ورغم أن كل هذه الشركات معتمدة، إلا أن 40 % من عملية التسويق تتم في السوق السوداء، عن طريق سماسرة مختصين، علما بأن كل هذا يخالف مقتضيات القانون الصحي 49-99.
نظمت الجمعية عددا من الوقفات الاحتجاجية لحث الوزارة الوصية على التدخل، واتخاذ قرارات تحقق العدالة والإنصاف للمهنيين، في مواجهة شركات الأعلاف والمفاقس. هل تمكنتم من تحقيق بعض المكاسب، وما هي مطالبكم الحالية ؟
رغم كل الاحتجاجات، والمراسلات، والأسئلة الموجهة من طرف نواب الأمة يبقى التجاهل سيد الموقف، وتبقى المراوغة هي مسلك الوزارة الوصية على القطاع، وذلك منذ سنة 2007 وإلى يومنا هذا. وبهذا التجاهل الممنهج، لم يُسمح لنا بتحقيق أي من المكتسبات، بل تعرض المربي الصغير والمتوسط للخسارة والإفلاس، وأدى أيضا إلى هدر المنتوج بسبب ضعف جودة الأعلاف، والكتاكيت، الناجمة عن سياسة العشوائية، والكيل بمكيالين.
ونطالب بجدولة الديون، والإعفاء من الفوائد البنكية في تمويل مربي الدجاج، الذي يصنف كفلاح، حسب القانون المغربي منذ سنة 2012، ومعاملته مثل مربي الأغنام والماعز. نطالب أيضا، بإعفاء الأعلاف المركبة، وكتاكيت دجاج اللحم من الرسوم الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة TVA. وكذا بإنشاء مختبرات مستقلة، معترف بها لدى المحاكم المغربية.
في الأخير، لمن توجهون رسالة من الجمعية والمهنيين ؟
نوجه رسالتنا لخبراء التحكيم بين مهنيي القطاع، الذين يتغاضون عن الضرر الذي يمس المربي الصغير والمتوسط في عمله ورزقه، والذي يتحمل جميع الخسائر الناجمة عن سوء التدبير والعشوائية، وتغوُّل الشركات التجارية، واستحواذها على السوق المغربية، وسط تجاهل الوزارة الوصية للمربي الصغير والمتوسط، والتي يقتصر تعاملها في القطاع مع الفدرالية البيمهنية فقط.
وسبق أن طرحت المجموعة النيابة الإشترتكية، سؤالا موجها إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول المشاكل التي يعرفها قطاع دجاج اللحم، في 24 مارس سنة 2023، تحت قبة البرلمان، إلا أنه لم يتم الإجابة عن هذا السؤال إلى حدود الساعة.